مقدّمة الكتاب
يجري الباحثون دراساتهم في شتى مجالات العلوم الإجتماعية، للوصول الى اهداف تشكل حقائق علمية هي بمثابة المرجعية التي يهتدي اليها الباحثون عند اثارتهم لمشكلات بحثية أو معالجة مشكلات قائمة، ولعل من أبرز هذه الاهداف تلك التي تتحقق من خلال الدراسات العاملية الاستكشافية، وتهدف لتحديد العوامل المكونة لظاهرة ما، ولم يكن للبحث في الظواهر النفسية والإجتماعية أن يتطور لولا البحوث العاملية التي ساهمت في تحديد المؤشرات التي من خلالها تقاس المفاهيم المكونة لهذه الظواهر كميا. ويعتبر مفهوم الصحة النفسية في بيئة العمل أحد المفاهيم التي تمتاز بالتعقيد والصعوبة، جعلها تأخذ حيزا من اهتمامات العلماء والباحثين في سعيهم لتحديد عواملها ومؤشراتها التي يمكن قياسها، وأثناء المسوحات التي حاولنا اجراءها لأدبيات الصحة النفسية في العمل، وجدنا في جلها تركز على الشق المرضي أو السلبي في الصحة النفسية، بينما عندما نعود لتعريف الصحة النفسية من منظور منظمة الصحة العالمية الحديث الذي دعمته حركة علم النفس الإيجابي، يشير إلى ضرورة توافر الجوانب الإيجابية مثل السعادة في العمل، الرفاه والإرتياح النفسي والذاتي…ولكن تتجاهل الكثير من الكتب والدراسات الاكاديمية وتركز على الجوانب المرضية مثل الضيق،القلق والإكتئاب..ولا نتكلم هنا عن المفاهيم التي تجاوزتها تشخيصات الإضطرابات النفسية مثل العصاب والهستيريا…